" خرم إبرة ".. رؤية شعرية للشاعر /على معوض
الزجل المصري
الزجل فن مصري أصيل به الكثير من الروائع الأدبية وخاصة تلك التي
أبدعها أساتذة هذا الفن أمثال عبد
الله النديم وبيرم التونسي،
وكانوا قديمًا يقيمون مناظرات زجلية بالأسواق وهي مباريات تقام
بين الشعراء الزاجلين وبها مراهنات، ثم توقفت هذه المساجلات مع
تقديم وسائل النشر والإعلام، والزجل يماثل في طبيعته الشعر
العمودي، فهو يعتمد أيضًا على البيت المكون من شطرين وعلى نفس
أوزان الشعر المعروف، ويلتزم كذلك بالقافية الواحدة وقد تتعدد في
القصيدة الواحدة، ولكنها تتماثل .
شعر باللهجات العامية
يتحدث بها جميع الشعوب العربية، إلا أن هذه الشعوب لها لهجات
خاصة اشتقت كلماتها من اللغة الأم، كما أن الأمر لا يقتصر على
كون الشعب الواحد له لهجة واحدة وإنما تعددت اللهجات داخل
المنطقة الواحدة في بعض الأحيان داخل المدينة الواحدة، فاللهجات
العربية كثيرة جدا وإن كانت جميعها مفهومة من الجميع وليس هناك
أية صعوبة في فهم قصيدة كتبت مثلا باللهجة السورية على الآخرين
فهي لهجات متقاربة والأمر لا يعدو أن يكون استخدام مرادف دون آخر
أو استبدال حرف في اللغة الأم بحرف آخر، ولقد صاحب ظهور شعر
العامية المصرية والذي يعد بناء جديدا لشكل الزجل المصري وطرح
مضامين وصور لم تكن مألوفة من قبل ظهور شكل مماثل في بقية
البلدان العربية، وهو نوع من التواصل والتراسل بين أبعاد الأمة
الواحدة.
هذا المدخل ماهو إلا للولوج لعالم علي معوض الشعري والسحري في آن واحد, وعلي معوض شخصية متزنة قليلة الكلام علي عكس الكثير من الشعراء , ومن خلال ديوانه الأخير خرم إبرة عرفت أنه علي دراية كاملة بكل مايدور حوله خاصة الأحداث الأخيرة في مصر , فترجمها إلي معان وألفاظ أحيانا يلقيها مدفوعة دفعا بلاتهادن, وأحيانا ينمقها برموش العين كما يقولون , إنه الريح العفية التي ترمي التماسي علي صايم يجرح صيامه علي تمره , إنها العادات والإيمان الراسخ بداخله أبا عن جد عاشق الوطن بجنون , يسكت علي الظلم كثيرا , لكن حينما ثور فإن ثورته جامحة ,كالبركان حينما يري الذئاب تنهش لأجل عين سيدها كناية عن الحاكم , فريسة تصرخ من وجع إيدها , تشبيه لأبناء الوطن الذين يصرخون من آلام القيد , ليس قيد الحديد , لكن قيود الجهل والظلم , والجوع , والقهر , وفي النهاية تعود النخلة شايلة الخير بتتعايق , تشبيه مصر بالنخلة التي دائما يتدلي منها البلح ,