|
ورحيل الشاعر محمد صالح الخولاني |
|
بعد رحلة نضال طويلة مع المرض، كان أثناءها مثالاً للثبات ورباطة الجأش، غادر دنيانا قبل عيد الفطر الشاعر الكبير محمد صالح الخولاني، وكان الأطباء قد بتروا إحدي ساقيه منذ عدة أعوام وبتروا الثانية قبل رحيله بأيام. |
معمار بورسعيد في احتفالية الصداقة الفرنسية
| ||
كتب أحمد وائل: | ||
احتفاءً بمعمار مدينة بورسعيد تنظم جمعية الصداقة المصرية الفرنسية "إليانس فرانسيز" احتفالية بمقر الجمعية (حي الشرق) تبدأ 23 من الشهر الجاري، وتستمر لمدة شهر. فكرة الاحتفالية جاءت من جانب الجمعية لأن المدينة تتمتع بنمط معماري متميز، ورغم ذلك فهو مهدد.. لهذا قررت الجمعية مناقشة أوضاع عمارة بورسعيد. وجهت الجمعية الدعوة لعدد من كتّاب "المدينة الباسلة"، وآخرين من الفرنسيين، لمناقشة تاريخ ومستقبل شكل بورسعيد المعماري، الذي اتخذ طابعاً أوروبيا ميز مدن القناة الثلاثة. ستضم احتفالية "الإليانس فرانسيز" معرضاً للصور الفوتوغرافية للفنان وليد منتصر، وهو مصور فوتوغرافي مغرم بالتاريخ والتراث المعماري، سيقدم شكل المدينة حالياً، مبرزاً الأطر المعمارية سواء كانت خشبية أوحجرية، كما سيتحدث الكاتب قاسم مسعد عليوة عن هذا المعمار في محاضرة، "بورسعيد مدينة استثنائية" يوم 4 أكتوبر، مستلهماً تاريخ المدينة من كتابه "المدينة الاستثناء.. قراءة مورفولوجية لمدينة بورسعيد" (هيئة قصور الثقافة 2007، هوية المكان). الشاعر والمغني الشعبي محمد عبد القادر، رئيس جمعية أدباء وفناني بورسعيد، سيتناول الموروث الغنائي والموسيقي للمدينة وتحديداً موسيقي "السمسمية بين التقليد والحداثة" يوم 11 أكتوبر. ومحاضرة بعنوان "أثر التقاء الحضارات علي لسان المعمار في مدن قناة السويس" يتحدث فيها كلودين بياتون، المهندسة المعمارية بوزارة الثقافة الفرنسية يوم 27 سبتمبر، ويتناول طلاب الفرقة الثالثة بكلية التربية النوعية، بإشراف الدكتور سعيد القطان، ندوة بعنوان "التراث المعماري في بورسعيد" يوم 5 أكتوبر. وكذلك محاضرة أخري بعنوان " التراث المعماري لمنطقة بورسعيد" يقدمها ستيفان براي برادلين، وعباس رواش، الباحثان في المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة يوم 7 أكتوبر، إلي جانب أنشطة أخري حتي 23 أكتوبر القادم. يشير الكاتب قاسم مسعد عليوة إلي أن كتّاب بورسعيد يسعون لجعل الاحتفاء بمعمار المدينة طقساً سنوياً ، علي أن تكون احتفالية " إليانس فرانسيز" بداية انطلاق هذا الطقس. |
كلُّ شيء على البسيطة زائلْ
ليلة سقوط النقد في 'زوبعة فنجان قهوة'
عدة اتهامات يوجهها الناقد صبحي شحروري دون أن يبين لنا من وجهة نظر نقدية ما الصواب وما الخطأ.
بقلم: توفيق العيسى
هل الحديث عن الشعر أم القصة، الرواية أم النقد، يحتمل فنجان القهوة الصغير والأنيق لكل هذه المحاور؟ المكان على رحابته ضيق، عريف الحفل والمتحدث لم يرتبا أوراقهما، هذا ما صار واضحا تماما عندما بدأ صبحي شحروري كلامه عن الحالة الثقافية بشكل عام، وعن سيرته الذاتية ككاتب. عريف الحفل "أحمد الأشقر" غير موجود فمن سيدير النقاش؟ كان المفترض للقائنا في مقهى الديوان أن يجمع بعض كتاب شباب والناقد صبحي الشحروري، حيث يتبادر للذهن أن النقاش أو الأمسية ستتركز على قراءات لهؤلاء الكتاب ونقدها ولو بشكل بسيط من قبل الشحروري لتشمل المشهد الثقافي والشعري الفلسطيني في هذه المرحلة على ضوء تجربة الجيل الشاب، إلا أن هذا لم يحدث والنادل قدم القهوة باردة، وجاري البحث عن عريف الحفل. في معرض حديثه الذي ابتدأه بسيرته الذاتية وكيف كتب القصة القصيرة انتقل بنا من تجربته الخاصة وبسرعة البرق لينكر وجود أدب الواقعية الإشتراكية، فهو على حد تعبيره لا يعترف بها ولا يعرف تعريفها، وهو بذلك أنكر مرحلة ثقافية كاملة، وأنكر عددا من النتاجات الأدبية الفلسطينية والعربية، وإن كنا نحترم رأيه، وهو حر بطرحه، إلا أنه كان من الواجب عليه أن يشرح لماذا. وفي حديثه عن الأجناس الأدبية الأخرى كالقصة والرواية والشعر والنقد كان يشن هجوما لم يبرره على كتاب هذه الأجناس. ففي القصة القصيرة يرى أن كتابها ما زالو يكتبون ضمن النسق القديم، والمحدثون أخطأوا عندما لجأوا للقصة القصيرة جدا. وفي الرواية يبدأ هجومه بأن كتابنا لا يعرفون ما هي الرواية ولا كيفية كتابتها. عدة اتهامات وجهها دون أن يبين لنا من وجهة نظر نقدية ما الصواب وما الخطأ، بل اكتفى بالقاء محاضرة مدرسية عن الكناية والاستعارة ووصاياه للجيل الجديد بأن يلتزموا الحقيقة فيما يكتبون وأن يكتبوا بمشاعرهم وإحساسهم، وهذا كلام ليس بالضرورة أن تكون ناقدا لتقوله. وعن النقد فقد بذل جهدا كبيرا وهو يتحدث عن ضرورة أن يوجه النقد للنص وليس للشخص والنقد يتعرض لبنيوية النص وتفكيكه. حتى اذا ما انتقل للحديث عن الشعر بدأ حديثه بـ "إنني هاجمت جدارية محمود درويش". وهنا نستوضح أن صبحي شحروري اختصر محاضرته الطويلة بفعل الهجوم وليس النقد، فإذا كان يعرف ويختصر جهده النقدي بكلمة هجوم فكيف يعيب على الذين يرون في نقد النص هجوما على الكاتب؟ وكيف يرى ناقد كصبحي شحروري النقد هجوما وليس عملا أدبيا تفكيكيا لبنية النص؟ والنقد والهجوم لا يجتمعان. استخدام كلمة هجوم كان لها وقعها فعندما تبدأ حديثك بكلمة هاجمت بدلا من انتقدت توحي للمتلقي أن هناك أمرا شخصيا أو مبيتا، ومهما حاول شحروري أن يجمل حديثه ليعطي انطباعا بالموضوعية، فإنها ستنهار على وقع هذه الكلمة خاصة مع تكرارها والإصرار عليها. هذا المشهد الهجومي كان له وقعه على فئة الشعراء والكتاب "الجدد" الذين تساوقوا معه في هجومه، منجذبا البعض لفكرة مس المقدس، علما بأنا لسنا ضد نقد درويش، فالأمثلة التي ساقها شحروري والتي وافق الحضور عليها وهي من الجدارية، لم تكن صائبة، بل وكانت مغلوطة أيضا، فقد اتهم درويش بجنوحه إلى الذاتية وتكريسها من خلال استخدامه لكلمة أنا، على حد قول شحروري وإنكاره لوجود الآخر في قصيدته "وكأنه لا يوجد أحد غيره"، فقد نسي أو تناسى طالما أنه مهاجم وليس ناقدا، بأن بنيوية القصيدة فرضت على درويش الحديث بالأنا فهي هم وجودي لمريض في غرفة الإنعاش يرى الموت والحياة أمامه وبشكل جلي. ولا ندري ما الذي قصده شحروري بكلمة الآخر، لكن القصيدة بنيت على مشاهد وشخصيات متنوعة ولم تكن حكرا على درويش فقط، ويرى شحروري أن درويش يشبه نفسه باليهودي وذلك عندما قال "أنا البعيد البعيد"، وربط هذه الجملة بجملة أخرى لم يذكرها ولكنه ادعى أن درويش شبَّه نفسه بداوود المذهب، وهذا ما أكد رأي الشحروري بتشبيه درويش لنفسه باليهودي وما وافقه عليه الحضور، ولكن من هو داوود المذهب؟ لا يوجد شخص اسمه داوود المذهب، وهذا الاسم أسمعه لأول مرة من الأستاذ الشحروري ولو قرأنا القصيدة وبحثنا عن كلمة المذهب هذه لقرأنا التالي: باطلٌ، باطلُ الأباطيل باطلْ كلُّ شيء على البسيطة زائلْ
|
العلاج بالألوان
'الخيال' تزور معرض 'الجمال النائم' وتحاور نصير شمة
داوستاشي: معرض 'حوار أفريقيا' للفن النيجيري أول محاولة أفريقية للتواصل مع مصر بالفنون التشكيلية منذ سنوات طويلة.
ميدل ايست اونلاين
القاهرة ـ يتناول د. إبراهيم أبوغزالة في افتتاحية العدد الجديد من مجلة "الخيال" للفنون البصرية قضية سرقة لوحة الخشخاش من متحف محمد محمود خليل للمرة الثانية، ويرى أن سرقة لوحة أو تمثال هو أمر شائع في العالم، ويلقي اللوم على الصحافة التي لم تتعامل مع هذا الأمر بقدر من الموضوعية.
ويعرض العدد السادس من المجلة تقريرا حول افتتاح الرئيس حسني مبارك لمتحف الفن الإسلامي، إلى جانب بانوراما حول أهمية المتحف ومقتنياته.
ومن الأبواب الثابتة الهامة بالمجلة باب بعنوان "رواد الفن" ومقال بعنوان "كوكب العسال .. مائة عام من الفن" عن الفنانة الكبيرة كوكب العسال التي فقدتها حركة الفن التشكيلي فى شهر يونيو/حزيران 2009 دون تقدير. ومقال آخر بعنوان "الفن والأزمة الاقتصادية العالمية .. المزاج التجاري واختبار القيمة" حيث يثير تساؤلات حول علاقة الناس بالقيمة من جهة والعلاقة المتداخلة بين الفنون والمؤسسات كما يثير الموضوع إشكالية الفن المعاصر بعد ذلك وكيف يكتب تاريخه الذاتي فى إطار التقلبات الاقتصادية، وتبدل الدعم والمواقف من قبل الحكومات الوطنية.
وفي باب "معارض عالمية" يكتب رئيس التحرير مقالا عن معرض "الجمال النائم" المقام بفيينا الذي يصور عصر بداية الحداثة، والذي لم يحظ باهتمام كبير لوقت طويل في النمسا، ويستعرض المعرض متحف التيارات والأساليب الفنية ما بين الأعمال الفيكتورية المستوحاة من المعلمين القدامى، وجماليات الكلاسيكيات، بجانب تيار الانطباعية وما بعد الانطباعية خلال القرن التاسع عشر.
وضمن أبواب المجلة الهامة باب بعنوان "مكتبات" حيث يقدم الصحفى عزمي عبدالوهاب عرضاً لكتاب د. إيناس حسني الصادر عن سلسلة "عالم المعرفة" بالكويت تحت عنوان "التلامس الحضاري الإسلامى – الأوروبي".
ويتناول باب "جاليري" مقالا حول "العلاج بالألوان" ترجمة وتحرير الحسيني خضيري، ويطرح كيفية استخدام اللون في الشفاء في نواح شتى مثل التأمل والتخيل، لخلق أمزجة مؤكدة، ولأجل الهدوء والنشاط والتنشيط الذهني والاستجابات الجسدية، كم أن تناول أطعمة بعينها تكون ألوانها مفيدة لأجسامنا وحالتنا العقلية.
وفي باب "أفكار" يطرح يسري القويضي أسئلة في غاية الأهمية حول اشتراك مصر في بينالى فيينا، وهل نحن على استعداد لهذه المشاركة من حيث اختيار الفنانين المشاركين وهل اعتمدت ميزانية مفصلة لمواجهة تكاليف المشاركة به؟ وهل تم التفكير في إنشاء موقع إلكتروني باللغة العربية، وكذلك باللغة الإنجليزية، مخصص لمشاركتنا في البينالى؟
ويتناول باب "مهرجان الإبداع" احتفاء صالون مصر في دورته الرابعة بنخبة من الفنانين المصريين المتميزين بلغ عددهم اثني عشر فناناً.
وتناول العدد السادس من المجلة أيضاً الأنشطة الفنية والحرف البيئية في "ليالى المحروسة" بالاضافة لاستعراض افتتاح الفنان فاروق حسني وزير الثقافة لمحكى القلعة، إلى جانب باب لأخبار الهيئة العامة لقصور الثقافة من خلال حفل ختام ورشة الموهوب الصغير، الموال القناوي يحصد الإعجاب، ويطرح الفنان الكبير عصمت داوستاشى في مقال بعنوان "تخاريف صيام تشكيلية في الفن والحياة" افتتاحه لمعرض "حوار أفريقيا" للفن النيجيري الحديث بمتحف محمود سعيد بالإسكندرية. ويرى داوستاشى أن المعرض أول محاولة أفريقية للتواصل مع مصر بالفنون التشكيلية منذ سنوات طويلة.
وفي باب "حرف يدوية" يتناول الفنان حسن عثمان منطقة الفخار نموذجا للتعاون بين محافظة القاهرة ووزارة السياحة ووزارة الثقافة في مقال بعنوان "منطقة المثلث ـ بالفسطاط إضافة حضارية".
وفي باب حوار أجرت الصحفية سماح عبدالسلام حواراً هاماً مع الفنان نصير شمة حول حلمه بإنشاء بيت للعود في كل دولة عربية، وحول تفاعل الجمهور الغربي مع موسيقاه، وتأثير السياسة في أعماله، وعلاقته بالفن التشكيلي، وكيف أنه استوحى الكثير من أعماله من معارض فنية، وتحويله لمعرض كامل للفنان العراقي شاكر حسن آل سعيد في تونس إلى عمل جولة في معرض، بالإضافة لتقديمه عرض للفنان جميل حمودي.
يذكر أن مجلة "الخيال" للفنون البصرية تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة د. أحمد مجاهد، ويتولى رئاسة تحريرها د. إبراهيم غزالة.
ذكريات سكندرية
شهادات جديدة عن أمل دنقل في عشقه للإسكندرية
كتاب جديد يكشف عن أهمية المرحلة السكندرية في تجربة الشاعر أمل دنقل، كونها نافذته الأولى على شعراء العالم.
الإسكندرية ـ يقدم كتاب "أعشق اسكندرية" شهادات عن الشاعر الراحل أمل دنقل، ألقيت في مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية في احتفال بالعيد السبعيني لميلاده، وهو من تحرير الشاعر عمر حاذق، ويضم شهادات لعدد كبير من الشعراء والنقاد المصريين، ومنهم: الدكتور جابر عصفور، والشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي، والفنانة عطيات الأبنودي، وأنس دنقل (شقيق الشاعر الراحل).
وقال المايسترو شريف محيي الدين؛ مدير مركز الفنون: إن حجم التأثير والثراء الشعري للشاعر الراحل أمل دنقل ظل يتنفس في تجارب عدد كبير من الشعراء، الذين قدموا شهاداتهم عن الشاعر في كتاب "أعشق اسكندرية"، احتفالاً بشاعر لم يكن يومًا يجيد شيئًا من وسائل التسلق التي كانت ستمنحه ما هو جدير به من الشهرة والنجاح.
وأشار محيي الدين إلى أن الكتاب يضم شهادات لشعراء من أجيال مختلفة: بدءًا بحجازي "أستاذه"، وجيل السبعينيات ثم الثمانينيات، بالإضافة للشعراء الشباب الذين لم يلتقوا بأمل لقاءً شخصيًّا بل إبداعيًّا، وكذلك شهادات مهمة لرفاق دربه من أسرته وأصدقائه الحميمين الذين يحكون على صفحات الكتاب عن أمل الزوج والشقيق والصديق والتلميذ، كل ذلك مع إضاءات نقدية لتجربة أمل التي كانت لها خصوصيتها الإبداعية المتميزة.
ويضم الكتاب ـ الذي يقع في 155 صفحة ـ ملحقا للصور يعرض لقطات من مراحل مختلفة لحياة الراحل أمل دنقل، ومنها التلميذ أمل دنقل في المدرسة الإبتدائية، وصورته مع محافظ القنال محمود طلعت في معسكر إعداد القادة بالسويس عام 1956، ومشاركة أمل دنقل في مؤتمر الشعر الرابع عام 1962، وصور زفافه على عبلة الرويني، وصورة أخيرة على فراش الموت في مايو/آيار 1983.
يحتوي الكتاب أيضًا على ملحق للوثائق يضم رسائل وقصائد بخط يد أمل دنقل، ومنها مسودات قصيدة "الخيول"، وقصيدة "محمود حسن إسماعيل"، بالإضافة إلى عدد من الرسائل منه وإليه، بالإضافة إلى رسالة موجهة لأمل من الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي، وحوار خاص معه يرجع لعام 1974. ومرفق بالكتاب أسطوانة (سي دي) لقصائد أمل دنقل المغناة من تأليف المايسترو شريف محيي الدين، وأسطوانة (دي في دي) للفيلم التسجيلي "حديث الغرفة رقم 8" للمخرجة عطيات الأبنودي.
ويقول الشاعر عمر حاذق، إن الشهادات السكندرية في الكتاب لبعض من التقوا بأمل في الإسكندرية، كشفت عن أهمية المرحلة السكندرية ومدى محوريتها في تجربة أمل، لكونها نافذته الأولى على شعر كفافيس وغيره من شعراء العالم الذين قرأ شعرهم لأول مرة مترجمًا للعربية على نطاق شخصي وفي جلسات خاصة، بينما احتفت شهادات أخرى بالتأمل العميق في تجربة أمل داخل سياقها الشعري ومعطياتها التاريخية، وقدمت الشهادات الأخرى رؤية حميمية لحياة أمل ورؤاه عن الحياة والشعر، ومعاناته النبيلة التي صاغت جانبًا مهمًّا من معركته مع الحياة شاعرًا وإنسانًا.
وفي شهادة بعنوان "الوعي بالانهيار القومي"، يقول الدكتور جابر عصفور؛ مدير المركز القومي للترجمة: إن مبدأ حركة القصائد ما بين الحاضر والماضي في شعر أمل دنقل هو الوعي بالانهيار القومي الذي استجاب إليه شعره حتى من قبل وقوع كارثة العام السابع والستين. ويشير إلى أن هذا هو الوعي الذي أدى إلى رؤية اللحظة التاريخية لهذا الانهيار بوصفها لحظة السقوط، وتكون النتيجة هي ما ينتهي إليه المتمعن في شعر أمل من أن قصائده تتحول إلى مراثٍ متكررة الرجع في مستوى أساسي من دلالاتها، مراثٍ لعالم يحتضر أو عالم ينتشر فيه الموت، وهي ما تظهر وتتكرر ملحة في الدلالة المهيمنة، ابتداء من "مقتل القمر" في بواكير الكتابة، مرورًا بقصائد من مثل "موت مغنية مغمورة" و"الموت في لوحات" و"العشاء الأخير" في ديوان "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة".
ويقول الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي في شهادته عن أمل دنقل الصديق: إن أمل كان إنسانًا طيبًا نقيًّا على غير الشائع عنه، وكان يحب أن يعطي الذين يحبهم وينسب لهم المزايا. ويشير حجازي إلى أنه عرف أمل دنقل سنة 1960، في قهوة عبدالله وهي قهوة قديمة كانت في ميدان الجيزة بالقاهرة، وكان ينعقد بها كل مساء ندوة للناقد الأستاذ أنور المعداوي. ويتحدث الشاعر في شهادته كيف كان أمل دنقل شاعرًا كبيرًا، وبأية طريقة استطاع أن يكون عبقريًّا، ومظاهر هذه العبقرية في شعره، ويشير إلى أن أمل كان يحب أن يقرأ شعره، وكان أستاذًا في القراءة، كما أننا نجد عند قراءة شعره افتتانًا بالأصوات والإيقاعات التي لا نستطيع أن نفسر شعر أمل بعيدًا عنها.
وأكد حجازي: "لم أكن أستاذًا لأمل أو لغيره من شعراء جيله الذين كانوا يقرأونني كما كنت أقرؤهم، كما قال أمل دنقل في بعض اعترافاته إنه تتلمذ عليّ، وكما ردد هذا القول عدد من النقاد، لأن تجربتي، وتجربة أي شاعر، ليست تجربة فردية، وإنما هي بلورة، صنعها كل شاعر بطريقته، لكل ما قرأ ولكل ما تعلم من تراث الفن الذي يشتغل به".
وفي شهادته، يؤكد الناقد الدكتور أحمد درويش أن المرحلة التي شارك فيها أمل دنقل في إبداع الشعر العربي المعاصر، مرحلة انتقال حاسمة، أسهم فيها هو بجهد ملحوظ، ونفس متميز، كانت مرحلة انتقال في موسيقى الشعر وإيقاعه، تجمعت فيها إرهاصات عقود وقرون سابقة، ناوشت الشكل المستقر في بحور الخليل المحكمة، وفجرت شكلاً من أشكال التطور أو التحرر من قيودها الصارمة في تساوي عدد تفعيلات البيت ووحدة نظام القافية في القصيدة.
وأضاف درويش أن أمل دنقل، استطاع من خلال موهبته الشعرية الجبارة، وثقافته الواسعة، وحاسته النقدية اليقظة، أن يفلت من دوائر التشابه في الشعر، وأن يشكل لنفسه مذاقًا خاصًّا.
وتقول الكاتبة الصحفية عبلة الرويني، (أرملة الشاعر الراحل أمل دنقل): إن أمل لم يحتفل بعيد ميلاده يومًا، ولكنه كان يحتفل بميلاده الحقيقي، ميلاد القصيدة، ويهتم بوجوده الشعري ويحرص دائمًا على صيانته. وأشارت إلى أهمية احتفال مكتبة الإسكندرية بميلاد الشاعر بنفس المعنى، من خلال ميلاد قصيدة أمل دنقل التي تستمد قيمتها الأساسية من قدرتها على الاستمرار والتأثير والحضور المتواصل إلى اليوم؛ سواء في قاعات الدرس أو في ذائقة المتلقين، حتى في تأثيرها العميق في الشعراء المناهضين لجمالياتها.
ويسرد أنس دنقل (شقيق أمل) قصصا وحكايات عن حياة الشاعر الراحل، وكيف أثرت تجاربه الحياتية في أشعاره وقصائده، وكيف كان لوفاة الوالد أثر كبير في نفس أمل، حيث صنعت الأيام الأليمة بعد الوفاة إحساسًا حادًّا بالألم والشعور بالظلم والمرارة وكذلك بالتفرد عن الآخرين، وهي التي كونت لدى الشاعر هذه الحساسية الفائقة تجاه كل الأشياء القبيحة والزائفة. وأكد أنس أن عدم انضمام أمل دنقل إلى أي حزب أو جماعة سياسية طيلة حياته، هي ظاهرة أخرى ترتبط باليتم، فإذا كان اليتم هو غياب الأب في الواقع، والشعر هو البديل عن الأب في الخيال، فإن رفض الانضمام للتنظيمات السياسية هو رفض للأبوة في الواقع بحثًا عن الأب في المستحيل.
وتحت عنوان "أمل دنقل....ذكريات سَكندرية"، يعرض الدكتور محمد رفيق خليل، ذكرياته مع الشاعر الراحل، بعد أن تعرف عليه عام 1962 عن طريق الشاعرين عبدالمنعم الأنصاري وسيد الشرنوبي، وكان الثلاثة روادًا للحداثة وللرفض الإيجابي (الذي يختلف عن الغضب) إلى جانب الشاعر محمود العتريس. وأضاف أن أمل دنقل عاش في الإسكندرية بنسيجها متعدد الألوان وتأثر بها، فكان يختزل المدينة في المقهى الصغير ذي الطابع المتوسطي (بيتي تريانون) إذ يعتبره اختصارًا للمدينة والغربة فيها، وديمومة الحياة، وسرعان ما اندمج في المدينة بكل ما فيها من طبائع مصرية وغربية يلتمس الراحة في الحضن الدافئ للمدينة.
كما ضم الكتاب شهادات لكل من: الدكتور محمد زكريا عناني، وفؤاد طمان، وعبدالعزيز موافي، وعلاء خالد، وحميدة عبد الله، وعطيات الأبنودي، وحمدي زيدان، وصالح أحمد، وعبدالرحيم يوسف، ومنتصر عبدالموجود.